عيد الأم يعود الى عصر الإغريق والرومان القدامى
يعود تاريخ الاحتفال بعيد الأم لعصر الإغريق والرومان القدامى، الذين أقاموا العديد من المهرجانات التي تكرم الأم، ويعد أوضح سابقة للاحتفال بعيد الأم في العصر الحديث، هو المهرجان المسيحي الأول الذي يعرف باسم أحد الأمومة (Mothering Sunday).
وقد انتشر مفهوم "يوم الأم" في المملكة المتحدة وفي أجزاء من أوروبا، عندما تم الاحتفال بيوم الأحد الرابع من شهر ماي، أو ما يعرف بـ"الصوم الكبير".
ومع مرور الوقت أصبحت الزهور وغيرها من رموز التقدير تُقدّم من الأبناء للأمهات، وفيما بعد اندمج تقليد يوم الأم مع عيد الأم الأمريكي في الفترة الواقعة ما بين الثلاثينيات والأربعينيات.
العصور القديمة.. عيد للآلهة الأم
تقليديًّا يُنسبُ عيد الأم إلى أرض اليونان والحضارة اليونانية القديمة، حين كان الإغريق يحتفلون بعيد في الربيع لتكريم الإلهة ريا، أم آلهة الأوليمب الشهيرة زيوس، وبوسايدن، وهاديس، وهيرا، وهيستيا، وديميتير، وزوجة كرونوس.
ارتبطت ريا بالخصوبة والأمومة، خاصةً وأنَّها أم جيل الآلهة التي حكمت الأوليمب. لذا قرر الإغريق تكريم ريا والاحتفال بها بتقديم قرابين من كعك العسل والخمور والأزهار، لتحل عليهم بركة أم زيوس كبير الآلهة. ومع اختلاط الثقافة اليونانية بالثقافة الرومانية، استمرت الاحتفالات ولكن بتكريم آلهة أخرى، اسمها سيبيل، والتي نالت عندهم مكانة أكبر من مكانة ريا.
"أحد الأمومة"
ظهر في العصور الوسطى تقليد في الأحد الرابع من لينت، وهي الفترة التي تسبق عيد الفصح، حيث كان الرجال والشباب وحتى الأطفال الذين يعملون خارج قريتهم يعودون للكنيسة الأم الخاصة بهم، وبعد عودتهم من الكنيسة يقطفون الأزهار ويكتبون الرسائل لأمهاتهم. وبطبيعة ذلك العصر كان من العادي أن يخرج الأطفال بعد سن العاشرة إلى سوق العمل، وكان أحد الأمومة فرصة للعودة إلى قراهم ورؤية ذويهم.
وبسبب تغير موعد الربيع كل عام، يتغير معه "أحد الأمومة"، لكنه يظل من أقدم تقاليد الاحتفال بالأم، وقد اكتسب شهرة في أنحاء أوروبا واتجهت العديد من البلدان المسيحية إلى الاحتفال بأحد الأمومة، إلى أن ظهر عيد الأم الأمريكي، والذي أصبح أكثر شهرة من غيره.
في أمريكا كانت هناك أكثر من محاولة للاحتفال بعيد الأم، منها ما يعود للقرن التاسع عشر، حيث أقامت آن رييفس جارفيس نوادي لتعليم الأمهات كيفية الاعتناء بالأطفال. ومع الوقت توسعت هذه النوادي لتصبح قوة مُوحِّدة في ولاية فيرجينيا الغربية، التي عانت من انقسامات ما قبل الحرب الأهلية الأمريكية. وبعد الحرب، في عام 1868 دشَّنت آن «يوم صداقة الأمهات»، لتجتمع فيه السيدات مع الرجال المتخاصمين وأبناء معسكري الحرب الأهلية، لمساعدتهم على التصالح.
وفي 1870، كتبت جوليا وارد، الكاتبة والشاعرة الأمريكية المعروفة بمناهضتها للعبودية، «إعلان يوم الأم»، والذي نادت فيه جميع أمهات العالم ليتحدن في دعوتهم للـ«سلام العالمي»، وسعت عام 1873 لتخصص اليوم الثاني من شهر جوان ليكون «يوم سلام»، إلا أن العطلة الرسمية لعيد الأم ظهرت في التسعينيات نتيجة لمجهودات آنا جارفيس، ابنة آن جارفيس، فبعد وفاة أمها، شعرت آنا أن أفضل طريقة لتخليد ذكرى والدتها ستكون عن طريق عيد الأم، وأنه يجب أن يُخصص هذا اليوم لتكريم جميع الأمهات اللاتي يضحين بعمرهن من أجل أطفالهن. وبعد أن نجحت في الحصول على تمويل مناسب أقامت آنا أول احتفالية لعيد الأم في إحدى الكنائس. وبعد نجاح هذا اليوم، سعت آنا ليكون عيدًا قوميًّا، فبدأت بحملة من إرسال الخطابات إلى السياسيين وإلى الجرائد والمجلات تحثهم على دعمها في مسعاها.
وبحلول العام 1912 تبنت العديد من الولايات الفكرة واحتفلت بعيد الأم، وفي عام 1914، أقرَّ ووردو ويلسون، الرئيس الأمريكي آنذاك، يومَ الأحد الثاني في شهر ماي من كل عام بوصفه عيدًا للأم.
وعلى الرغم من سعي آنا لجعل عيد الأم عطلة رسمية، لم يعجبها كيف تحول العيد من يوم جميل لزيارة الأمهات إلى يوم تجاريٍّ يستغله أصحاب المتاجر وباعة الورود، وكرهت كيف تحولت فكرتها إلى فكرة تجارية وفقدت الغرض الحقيقي منها، وضغطت لإلغاء اليوم والاحتفال به.
الجدير بالذكر أن العديد من الدول اتبعت الولايات المتحدة في تقليدها، فأصبح عيد الأم هو الأحد الثاني من شهر ماي من كل عام.