كيف تمنع طفلك من الضرب دون أن يتخلى عن حقه؟
ما بين تجنب الوقوع في فخ تعليم الأطفال العنف بأن يضرب بعضهم البعض إذا اعتدى أحدهم على الآخر، وبين تعليمهم السلبية في عدم القيام بردة فعل تجاه الطفل المعتدي، يقع الأبوان في حيرة كبيرة.
ومن الطبيعي أن يتعرض طفلك للضرب من طفل أكبر أو أصغر منه سنا بسبب أو دون سبب، لذلك من الضروري تهيئته نفسيًّا أولاً بأن البيئة الخارجية تختلف عن المنزل، وأن الدفاع عن نفسه تجاه الصغار والكبار أمر مشروع ومقبول تمامًا، طالما في حدود لا تؤذيه ولا تؤذي من أمامه.
ووفقًا للعديد من الدراسات التي قام بها الأطباء النفسيون وخبراء التربية، يمر هذا الأمر بثلاث مراحل تدريجية إذا تعرض طفلك للضرب، يتعين تعليمها له بالمحاكاة في المنزل أولاً، حتى يتعلم كيف يفكر ويكوّن ردة فعل ثم ينفذها بتروٍّ.
المرحلة الأولى: التحذير الشفوي
يحدث أحيانًا أن يتعرض طفلك للضرب من صديق أو أخ أو طفل صغير من الأقارب لا يعي ما يفعله بشكل كافٍ أو حتى دون قصد أو يعتمد الضرب كطريقة للعب وجذب الانتباه، وهنا يجب التفرقة بين الضرب المقصود به الإيذاء، وما حدث عن طريق الخطأ أو سوء الفهم ودون أي قصد من الطفل المقابل.
بين لطفلك أنه في هذه المواقف يجب أن يحذر الطفل المقابل أولاً، كأن يخبره بأن يحترس وألا يكرر الفعل، أو أنه لا يسمح بهذه الطريقة في اللعب أو التعامل، وإذا تكررت لن يلعب مع هذا الطفل مرة أخرى. اجعل طفلك يقول هذه العبارات بحزم وجدية وقوة، توضح أنه ليس ضعيفًا ولكنه متروٍّ.
في أغلب الأحيان، تنجح هذه الطريقة مع الأطفال الكبار قليلًا، إذ يتفهمون الأمر ويتوقفون عن اللعب أو التهريج بالضرب، أو حتى إذا كان الطفل يقصد ضرب طفلك سيفكر كثيرًا قبل أن يكررها.
ولكن ماذا إن تكرر الأمر ولم يأتِ التحذير الشفوي بنتيجة؟
المرحلة الثانية: التحذير الجسدي
إذا لم يأت التحذير الشفوي السابق بنتيجة مع الطفل العنيف أو الذي يضرب طفلك متعمدًا، فهنا ننتقل للمرحلة الثانية؛ إذ يستخدم طفلك يديه مع التحذير الشفوي في إبعاد الطفل العنيف عنه، بالحزم والقوة والإصرار نفسه.
يوجد بعض الأطفال "المتنمرين" الذين يميلون للعنف والضرب في كل تصرفاتهم نظرا للتربية التي يتلقونها أوالبيئة المحيطة بهم، لا تجعل طفلك ييأس أو يشعر بالإحباط عند التعامل معهم، فمن الصحي أن يقابل هؤلاء الأطفال في سن مبكرة ليكتسب خبرات حياتية في التعامل بشكل أفضل مع الحياة عندما يكبر.
في مرحلة التحذير الجسدي لن يرد طفلك الضرب، لكنه سيمسك بيد من ضربه بحزم وقوة ويبعدها، قائلًا: "لا أسمح لك بضربي، أو التعدي عليَّ مرة أخرى، ابتعد عني".
في الحقيقة هذا التصرف لا يعد ضعفًا أبدًا، في 70% من الحالات يتوقف الطرف الآخر عن إيذاء الطفل أو ضربه مرة أخرى خوفًا من رد فعله، وبناء عليه يكتسب طفلك المزيد من الثقة بالنفس.
المرحلة الثالثة: رد الضربة
ماذا لو لم يتوقف الطفل الآخر عن ضرب طفلك وإيذائه؟ هنا ووصولًا لهذه المرحلة قد تعلم طفلك أهم ثلاثة أشياء في حياته، التحكم في غضبه، وتحكيم عقله، وثقته بنفسه.
ولكن إذا تكرر الأمر فعليه في هذه المرحلة، رد الضرب بالطريقة نفسها، وأن يأخذ حقه كاملًا ولا يُعد ذلك عنفًا أو تحريضًا على العنف، بل سيجعل طفلك يعلم أن طريقته صحيحة تمامًا ويعلم مدى قوته، ويُعلِّم الطفل الذي ضربه أنه لم يصبر عليه ضعفًا أو خوفًا.
وإذا لم يتوقف الطفل الآخر عن التعرض لطفلك رغم كل الخطوات السابقة، علي الوالدين هنا التدخل لإبلاغ أسرته أو الإخصائية النفسية بالمدرسة أو أحد المسؤولين عنه، ربما كان يعاني من مشكلة نفسية أو جسدية يجب حلها سريعًا، وفي الوقت نفسه تكون قد تركت لطفلك حرية التصرف بمفرده وأخذ حقه دون تدخل بما من شأنه أن يكسبه ثقة بنفسه.