"مدرسة الكاريكاتير" في صفاقس، لدعم النّفاذ إلى الثقافة على المستوى المحلّي والوطني والدّولي
هم لم يتجاوزوا بعد طور الطّفولة ولكنّهم مبدعون ويتّقدون حيويّة. فمنذ التحاقهم بمدرسة الكاريكاتير تمكّن هؤلاء التّلاميذ وعددهم 36؛ يتراوح سنّهم بين 14 و18 سنة، من تجويد ريشتهم وإطلاق العنان لخيالهم وهم يحملون نظرة ناقدة وساخرة على تونس وعلى العالم يعبّرون عنها من خلال استخدام الأقلام أو الألوان المائيّة والزيتيّة.
برز من ضمن المجموعة ثلاثة أطفال جنّدوا أنفسهم من أجل الدّيمقراطيّة والحريّة المكتسبة حديثا في المناطق الدّاخليّة بعيدا عن دائرة الضّوء.
مدرسة الكاريكاتير تّابعة لـ"برنامج تفنّن-تونس المبدعة" المموّل من قبل الاتحاد الأوروبي (4,7 مليون يورو) والذي يسهر على تنفيذه شبكة المعاهد الوطنيّة للتراث (EUNIC) بالتّعاون الوثيق مع وزارة الثقافة في إطار البرنامج المخصّص لتنمية الثقافة في تونس بقيادة تفنّن –تونس المبدعة بتمويل أوروبي يقدّر بـ 2,4 مليون يورو، وذلك على الفترة الممتدّة من فيفري 2017 إلى ماي 2019.
بدأت فكرة هذا المشروع، وفق ما ذكره مديره وحيد الهنتاتي مستشار ثقافي، سنة 2016 في أعقاب الاحتفالات بصفاقس عاصمة الثقافة العربيّة عندما قدّم مشروعًا لتنظيم معرض الرّسوم الكاريكاتوريّة بمشاركة أحد عشر رسّاما عربيّا حيث "لاحظنا قدرات كبيرة لدى الأطفال" خلال الورشات التي نظّمناها لفائدتهم على هامش المعرض، ومن ثمّة جاءت فكرة "مدرسة الكاريكاتير" واقترحناها على مشروع تفنّن-تونس المبدعة المموّل من قبل الاتحاد الأوروبي.
تتمثّل أهمّ الأهداف في دفع التنوّع الثقافي التّونسي والنّفاذ إلى الثقافة على المستوى المحلّي والوطني والدّولي وكذلك تعزيز حريّة التّعبير والإبداع خاصّة لدى الأجيال الشابّة مع التّشجيع على الوصول بمهن الثقافة إلى مستوى رفيع من الحرفيّة علمًا، وأنّ مشروع تفنّن –تونس المبدعة يدعم مختلف الفاعلين الثقافيّين خاصّة داخل الجهات وهو ما يفسّر إرساء مدرسة الكاريكاتير في ثلاث جهات هي عقارب والعامرة وطينة.
تواصل التّدريب لمدّة 10 أشهر تمّ خلالها تسجيل أكثر من 150 ساعة من العمل الفعلي ويقول وحيد الهنتاتي في هذا السياق:" لاحظنا من خلال الرّسوم والزّوايا التي ينطلق منها الأطفال أنّ مستواهم تقدّم كثيرا "، معربا عن فخوره بمشاركة بعض التّلاميذ في المهرجان الدولي للكاريكاتير بالمغرب.
تواصل مشروع مدرسة الكاريكاتير في صفاقس 10 أشهر انطلاقا من يوم 10 أكتوبر 2017، وسيتمّ تنظيم معرض للأعمال التي أنجزها الأطفال من 25 إلى 28 أكتوبر 2018 وسيتمّ أيضا عرض أعمال بعض الرسّامين المحترفين مع أنشطة أخرى.
ولا ينوي وحيد الهنتاتي الاكتفاء بها الإنجاز، لذلك يعمل حاليّا على بعث منصّة رقميّة للمدرسة لاستغلالها في تونس وفي البلدان الأخرى المجاورة.