هذه صفات الطفل الفائق الذكاء
يُظهر بعض الأطفال ذكاءً خارقًا يتميّزون به عن أقرانهم، فهم سريعو الاستيعاب ينهون فروضهم المدرسيّة بسرعة... وقد يسبّب لهم هذا الذكاء الخارق مشاكل مدرسية وأكاديمية، ذلك أن سرعة الاستيعاب والفهم تؤدي أحيانًا إلى شعور هذا الطفل السابق لأقرانه بالملل في القسم.
وبالتالي عندما يصل التلميذ الخارق الذكاء إلى مرحلة تستوجب التركيز، يكون قد تشكّلت لديه ثغرات تعلّمية، والسبب أنه فقد بعض التركيز أثناء شرح المعلّم (ة) فكرةً مهمة أو مفهومًا جديدًا، ففي النهاية هو تلميذ صغير.
ولكن هل كل طفل سريع الاستيعاب والفهم هو فائق الذكاء؟ وما هي صفاته؟ وكيف يجدر التعامل معه كي لا يتأخر أكاديميًا؟
كيف يمكن التحقق مما إذا كان الطفل فائق الذكاء أم لا؟
يؤكد أخصّائيو علم النفس والتربية أن جميع الأطفال أذكياء بالفطرة، ويملكون مهارات غير عادية، فجميعهم لديهم حاجة قوية للتعلم، وقدرات رائعة على التقليد، وتبنّي العادات والتقاليد، وسلوكيات الكائن الانساني ولغته. بعضهم لديه خصائص تشير إلى نسبة ذكاء عالية، وهذا الذكاء لا يظهر فجأة مثل عصا سحرية، في اليوم الأول من المدرسة، وإنما تبدو إشاراته ومظاهره في الشهور الأولى من حياة الطفل.
لذا ينصح الاخصائيون الأبوين بمراقبة الطفل عن كثب، والتعرف على قدراته المتعدّدة، ومرافقته ودعمه وتشجيع تقدّمه. ومهما كان سنّه، إذا بدت على الطفل صفات عبقري محتمل، فعلى والديه استشارة اختصاصي في علم نفس الطفل، لإجراء اختبار الذكاء.
وعمومًا هذه هي مؤشرات العبقرية من الولادة إلى السنة الأولى من حياة الطفل:
مراقب جيّد
الرضيع أو الطفل الخارق الذكاء يفتح عينيه بشكل واسع وينظر إلى كل ما يحدث حوله بانتباه. يتواصل مع العالم وما يحدث فيه، متيقظ بشكل خاص ولديه فضول الاكتشاف.
اجتماعي
منذ البداية يبدو الرضيع اجتماعيًا، يسعى للتواصل، يهتم بالأشخاص المحيطين به. نظرته الاستقصائية تبدو برّاقة، منفتحة ومعبّرة.
وهو يحدّق بعينيه بشدة إلى درجة أنه يُقلق والديه. فنظرته الاستجوابية هي الشاهدة على أسئلة داخلية يريد أجوبة عنها. وبدءًا من شهره السادس، يقلّد الأصوات التي يسمعها بشكل كامل، خصوصًا طبقات أصوات أولئك الذين يتحدثون إليه، لذا يتفوّه بكلمته الأولى قبل بلوغه السنة. صحيح أنه لا يتكلم بعد بشكل واضح، ولكنه يفهم تعابير وجه والدته فورًا.
قادر على التركيز
منذ ولادته، يعرف الطفل الفائق الذكاء مراحل هدوء تدوم حوالى 8 دقائق، ويبقى متنبهًا ومركّزًا، فيما لا يقدر رضَّع آخرون لا على التركيز لأكثر من خمس دقائق متتالية. هذا الاختلاف في القدرة على التركيز ربما يكون الإشارة- المفتاح لذكاء الطفل الاستثنائي.
فبدءًا من سن الستة أشهر، يراقب ويحاول تحليل الأمور قبل أن يبدأ القيام بنشاط. مثلاً، في الحضانة الطفل الفائق الذكاء لا يشارك بسرعة في النشاط الذي يقوم به أقرانه، وإنمّا يراقب بدقّة ما يحدث أمامه، وأحيانًا وهو يمصّ إبهامه، فهو يتفحّص المشهد، يقيّم الوضع والأخطار قبل المشاركة.
يستجيب بإفراط
منذ شهوره الأولى تكون كل حواس الطفل الفائق الذكاء متنبّهة، فهو شديد الحساسية بالنسبة إلى الألوان والصور والأصوات والروائح والتذوق.
ويكون حساسًا جدًا للرائحة المألوفة في منزله، ويشعر بالانزعاج والقلق عندما يشمّ غيرها، ويُبدي تيقظًا شديدًا لأدنى ضجيج، أو ضوء خافت لا يعرفهما... يتوقف عن الرضاعة ويلتفت نحو الصوت، ويبدأ بنظرة الاستجواب والتحقّق. وبمجرد أن يتلقّى التفسير من والدته: مثلاً هذا صوت مكنسة كهربائية، أو صوت بوق سيارة الخ... يستعيد هدوءه ويُكمل الرضاعة. وبما أنه حساس جدًا تجاه الصوت، فهو يحب الاستماع إلى الموسيقى.
ومن مؤشرات الذكاء المفرط عند الرضيع، أيضا، أن يكون غير صبور ولا يحب الانتظار.
القدرة على استعمال المهارات الحركية الدقيقة قبل أقرانه
من اللافت في الطفل الفائق الذكاء، قدرته على استعمال أعضائه الدقيقة في الحركة قبل غيره من الأطفال بحوالى الشهرين، فهو يتمكن من الجلوس، ويتعدّى بعض المراحل التي يمر بها عادة الأطفال إذ يحاول المشي والجلوس من دون حبو.
وسرعان ما يجيد التنسيق بين اليد والعين، لأنه يريد استكشاف الواقع حوله وحده، (أعجبني هذا الشيء، ألتقطه، أنظر إليه...) كما أنه يريد الوقوف والخروج من الفراش في وقت مبكر جدًا، وغالبًا يبدأ المشي بين 9 أو 10 أشهر.
مؤشرات العبقرية بين عمر السنة والسنتين
الكلام عند بلوغه السنة
يبدأ الطفل الفائق الذكاء التكلّم عند بلوغه السنة، فهو يعرف تسمية الصور، وفي سنّ الـ 13 و16 شهرًا يبدأ بنطق الكلمات ويبني بشكل صحيح الجمل، وتكون لديه متعة تكرار كلمات معقّدة أو صعبة. وفي سنته الثانية يكون قادرًا على المناقشة بلغة مكتسبة بشكل جيد.
بعض الأطفال الفائقي الذكاء يبقون صامتين حتى السنتين وفجأة ينطقون جملاً صحيحة، أي فعل وفاعل ومفعول به، ذلك أنهم استعدّوا لها جيدًا، فهم كانوا يصغون ويخزّنون في ذاكرتهم الجمل بصيغتها الصحيحة قبل أن يكشفوا قدرتهم على الكلام.
فضولي وحريص على التعلّم
يُظهر الطفل الفائق الذكاء فضولاً وحرصًا شديدين على التعلم والاكتشاف، فهو يلمس كل ما تقع عليه يداه، ولا يخشى المغامرة من أجل البحث عن تجارب جديدة، ويحرص على اكتشاف العالم من حوله، ويكون لديه توازن جسدي جيد، يمكنه التسلق، يصعد وينزل السلالم، ينقل الأشياء، وقد يحوّل غرفة المعيشة إلى صالة رياضية.
يحب النوم وسمعه وذاكرته قويين
لاحظ الاخصائيون أن الطفل الفائق الذكاء يحب النوم، رغم أنه يجد صعوبة في الاستغراق فيه، ويحتاج وقتًا أقل من أقرانه ليتخلّص من تعبه.
ومن صفاته أيضًا القدرة السمعية الواضحة، بل يمكن القول إن لديه أذن الخلد، فهو قد يسمع زقزقة العصافير البعيدة، وله ذاكرة سمعية قوية ويتعلم بسهولة الإيقاعات الموسيقية والأغاني والقوافي. كما يمكنه ملاحظة التفاصيل الصغيرة في كتاب الصور الذي لديه، يتأمل لوقت طويل حركة الأشجار وهي تلاعب الريح، ويتأمل الغيوم، بمعنى آخر يحب التأمل في عناصر الطبيعة.
ذاكرته قوية جدًا ومثيرة للدهشة، يعرف تمامًا تواتر الأفكار في نص القصة كلمة كلمة، ويقاطع والدته ويطلب منها استئناف قراءة المقطع أو الجملة التي حذفتها أثناء القراءة، إذا كانت تريد إنهاء القصة بسرعة.
صفات الطفل الذكي بين عمر السنتين والثلاث سنوات
حواسه ومفرداته متطورة جدًا
بين السنتين والثلاث سنوات تكون حواس الطفل المتفوّق الذكاء متطوّرة جدًا مقارنة بأقرانه ممن هم في سنّه، فهو لديه القدرة على التمييز بين طعم التوابل مثلاً... ويميز بين رائحة البرتقال والنعناع والفانيليا والزهور.
لا تتوقف مفرداته عن التطوّر، ويمكنه نطق أصعب الكلمات، يلفظ الكلمات بشكل صحيح ويطلب إيضاحات حول الكلمة التي لا يعرفها، ويحفظ الكلمات الأجنبية ومفرداته دقيقة.
من صفاته أيضًا الحساسية المفرطة، إذ يصعب عليه التحكّم في عواطفه، ويغضب بسرعة، ويلعب دور غير المبالي عندما تأتي والدته إلى الحضانة لاصطحابه إلى المنزل. في الواقع، يحمي نفسه من التعبير عن مشاعره، ويتجنب فيض المشاعر الذي ينتابه أثناء وصول والدته إلى الحضانة. يطرح الكثير من الأسئلة ويتوقّع الأجوبة السريعة عنها، بالكاد يصبر، فكل شيء يمضي بسرعة في رأسه.
ذاكرته صورية، لديه قدرة كبيرة على تذكر الاتجاهات والأماكن بدقّة، في عمر السنتين يستطيع العدّ حتى الرقم 10، وفي عمر السنتين ونصف السنة يعرف أرقام الساعة، ويفهم معنى الجمع والطرح بسرعة كبيرة.
علامات النضج المبكر من 3إلى 4 سنوات
بدءًا من سن الرابعة، يعرف الطفل الفائق الذكاء كتابة اسمه ومن ثم كتابة كلمات جديدة وجمل بأحرف طويلة، وينزعج عندما لا يتمكن من تركيب الحروف كما يرغب. قبل الرابعة أو الخامسة لا تكون مهاراته الحركية الدقيقة، أي اليد والأصابع، ناضجة بما يكفي ويكون خطه عشوائيًا. وهو حين يغضب، يكون ذلك بسبب الفرق بين سرعة تفكيره وبطء حركته في الكتابة.
يحب الأرقام، لذا لا يمل العدّ، وفي كل مرة يحاول أن يزيد قدرته على العد حتى يصل إلى الرقم المائة... يعرف كيف يجمع ويطرح باحتساب الأرقام بين 0 و20 في المتوسط. ويحب لعب دور البائع.
هو شغوف بالتعرف على المجموعة الشمسية، وكل ما يتعلق بعالم الفلك، ويحب دراسة جسم الإنسان وتعطّشه للمعرفة لا ينطفئ.
بدءًا من أربع سنوات، يرفض أن يخلع ثيابه أمام والدته، ويطرح أسئلة وجودية عن الموت ومعنى الحياة، وأسباب المرض، وأصل العالم. يمكن القول إنه فيلسوف صغير، ويتوقع من الراشدين الأجوبة المناسبة والصحيحة. كما يتميز بخوفه الشديد من الفشل، فهو متطلب جدًا تجاه نفسه ويسعى إلى الكمال، فيضع لنفسه سقفًا عاليًا جدًا، وبما يلائم درجة ذكائه.
يقدّر كثيرًا مرافقة الراشدين، وبالتالي لديه عدد ضئيل من الأصدقاء ممن هم في مثل سنّه، لأنه يرى بونًا شاسعًا بين تفكيره وتفكيرهم. وأخيرًا، يجب على الأهل التذكر أنه طفل حساس جدًا، وبالتالي قد تُجرح مشاعره بسهولة ولا يتقبّل المُزاح، لذا على الأهل التنبّه إلى هذه المسألة وألاّ يستهزئوا بمشاعره.
لماذا يعاني الطفل النابغة مشاكل في الدراسة؟
لأنه قليل الصبر ويريد أن ينجز ما يقوم به بسرعة. كما أن اكتسابه السريع للمعلومات واستيعابها قد يسببان له الملل في القسم فلا يتابع ما يعطيه المعلم (ة) من دروس وقد يتحوّل إلى مشاغب، مما يؤثر سلبًا على أدائه المدرسي، وبالتالي تتدنّى علاماته، وقد يؤدي لاحقًا إلى عدم رغبته في متابعة دروسه الأكاديمية.
ومن المشاكل التي يواجهها الأهل أيضًا مع الطفل النابغة أنه سريع الانفعال بسبب التباين بين نموّه الذهني ونموّه الانفعالي.
ما هو المطلوب من الأهل لتجنّب مشاكل الدراسة التي يواجهها ابنهم النابغة؟
يمكن القول إن الطفل النابغة يحتاج إلى معاملة خاصة من الأهل والمدرسة، أي من الضروري أن يكون هناك تعاون بينهما ليستطيع هذا الطفل التكيّف مع المجتمع حوله وبلورة ذكائه وذلك من خلال وضعه على الطريق الصحيح، لذا يُطلب من الأهل ما يلي:
· إخضاع الطفل لاختبار الـ I.Q ويكون ذلك عند اختصاصي، وهذه أوّل خطوة على الأهل القيام بها.
· تشجيع الطفل النابغة على مواجهة تحديات نفسه. مثلاً إذا كانت لديه موهبة الرسم، يمكن للأبوين أن يقترحا عليه أن يرسم لوحة لا مثيل لها بحسب رأيه، فهو بذلك يختبر قدرته على تحدي نفسه.
· مساعدته في وضع معايير واقعية لنفسه. فمن المعروف أن الطفل النابغة يتوق إلى الكمال والقيام بأمور يصعب عليه تحقيقها في الواقع، ودور الأهل مساعدته في وضع توقعات أقرب إلى الواقع كي لا يصاب بالإحباط بسبب قصور الواقع أمام الإنجاز الذي يريد تحقيقه.
· تشجيعه على القيام بنشاطات متنوّعة تثير اهتمامه، تمتص طاقته وتبلور قدراته.
· إشراكه في نشاطات تتطلب عملاً جماعياً لا يكون عنصر السن فيه أساساً يساعده على التفاعل مع الآخرين. فمثلاً يمكن إلحاقه بفرقة كشفية فيها مختلف الأعمار.
· مساعدته في استغلال طاقاته وقدراته الفكرية عن طريق تشجيعه على مساعدة غيره. فمثلاً إذا كان لديه شقيق ضعيف في مادة الرياضيات، يمكن أن تطلب منه مساعدته في فهم المادة. فهذا الأمر يُشعره بالاكتفاء.
· مساعدته في التحدّث عن مشاعره والتعبير عنها.
· مساعدته في تفهّم نظرة الآخرين إليه. فمن المعروف أن الطفل النابغة يواجه صعوبة في علاقاته الاجتماعية، وغالباً ما يشعر بنبذ الآخرين له، مما يصيبه بالإحباط. لذا على الوالدين أن يشرحا له الأمر، كأن يقولا له إنهم لا ينسجمون معه لأنه لا يحب القيام بالأمور التي يفعلونها، أو لأن اهتماماتهم تختلف عن اهتماماته.
· تشجيعه على المشاركة في اتخاذ القرارات. فمثلاً إذا أراد الأهل تمضية عطلة أسبوعية خارج المدينة، يمكن الأخذ برأيه وإشراكه في اتخاذ قرار الذهاب من عدمه.
· منحه فرصة لعب دور الراشد. مثلاً الطلب منه القيام بمهمات تتطلب مسؤولية معيّنة.
· مساعدته في إدراك أن الفشل خطوة نحو النجاح. فالفشل عند الطفل العبقري قد يؤدي إلى شعور بالإحباط، مما يضعف تقديره لذاته. لذا على الأم أو الأب أن يشرحا له أن ليس في إمكان الإنسان عمومًا النجاح من المحاولة الأولى، وأن عليه تكرار المحاولات لتخطي العقبات وتحقيق النجاح المنشود.
· توفير المراجع والكتب وكل الوسائل التي تُشبع فضوله ونهمه للمعرفة.