أي رياضة تختارها لأبنائك؟
يعتبر فصل الصيف الفترة المناسبة للمراهق أو الطفل لممارسة نشاط رياضي يحبه، فبدل الجلوس إلى الألعاب الرقمية، على الأهل تشجيع أبنائهم على ممارسة هواياتهم الرياضية التي تعود عليهم بالفائدة الجسدية والنفسية. إذ يؤكد أخصائيو التربية وعلم النفس أنّ الرياضة تُكسب المراهق والطفل الشعور بالرضى الجسدي والفكري، مما يزيد ثقة بالنفس، كما تطوّر لديه معنى بذل الجهد، وتُعلمه احترام الآخرين. ولكن من الضروري أن يحترم الأهل اختيار ابنهم، للنشاط الرياضي الذي يناسبه ويُشعره بالراحة، حتى تكون الرياضة مصدرا للمتعة وتمارس بكل حرية.
بين 3 و 6 سنوات... الرياضة مدرسة الحياة
تشكّل الرياضة بالنسبة إلى الأطفال في هذ المرحلة من العمر مدرسة الحياة، فهي تسمح لهم بتنمية مهاراتهم الحركية، وتطوير نشاطاتهم الاجتماعية ببناء شبكة علاقات مع آخرين خارج إطار العائلة واختبار هذه العلاقات وتجربة خيباتها ونجاحاتها.
ولكن يجب أن تتكيّف الرياضة مع سنّ الطفل وشخصيته، وتحافظ على مفهوم الترفيه، فبين الثالثة والسادسة يحبّ الطفل التمارين التي تغذّي خياله وتحفّزه على الركض والقفز والتسلق والتأرجح.
فهو في هذه السنّ لا يمارس الرياضة بمفهومها التقني، وإنما من خلال هذه الألعاب يكتشف جسده، وكيفية التنسيق بين حركة أعضائه، ويدرك مفهوم الفراغ. لذا، بدءًا من سن الـ 4 و5 سنوات، يمكن للأهل مثلاً محاولة تعليم الطفل ركوب الدراجة الهوائية بعجلتين بدل الأربع عجلات.
كما يمكن تشجيعه على اللعب بكرة القدم، فجميع الأطفال يحبّون ركل الكرة نحو هدف معيّن، وبالتالي يتعلّم الطفل كيفية التنسيق بين حركة رجله ونظره.
وفي هذه السنّ، على الآباء أن يعلموا أنهم أفضل مدربين لأطفالهم، فهم إضافة إلى التدريب يمنحون أطفالهم ذكريات جميلة، فهذه اللحظات تحفر في الذاكرة كما النقش في الحجر.
من 6 إلى 10 سنوات
من المهم السماح للطفل باكتشاف نشاطات رياضية مختلفة وغيرها من أشكال الترفيه. فتحديد نشاط رياضي بعينه يحرم الطفل من التجارب الحركية التي يمكن أن يجدها في الرياضات الأخرى.
وبدءًا من سن السابعة يتحكم الطفل في حركة جسمه فيعرف كيف يميل يسارًا ويمينًا، وكيف يحقّق التوازن والتنسيق بين أعضائه. لذلك يمكن في هذه السن البدء بنشاط رياضي بمفهومه التقني.
وفي هذا العمر، ينصح الاخصائيون بتوجيهه نحو الرياضات الفردية لأنها أسهل عليه من الرياضات ضمن فريق. ثم، يجب أن يكون الطفل قادرًا على ممارسة جميع أنواع النشاطات التي تعزّز التنشئة الاجتماعية، ويجب أن تكون متنوعة بقدر الإمكان، فهناك رياضات صيفية وشتوية جماعية وفردية، وأخرى تتطلب القدرة على التحمل أو التنسيق...
من 10 إلى 11 سنة
هي أفضل سنّ للتعلم، لأن القدرة على التعلم والفضول كبيرة في هذه المرحلة العمرية. فهو قادر على تعلم المهارات الرياضية الأساسية، والحركات الصحيحة والأوضاع التي تتطلب دقّة.
مراهق بدءًا من سن الـ 11 عامًا
يتعرض جسم المراهق في هذه السنّ للتحولات المورفولوجية، وهذه مرحلة القدرة على التمرين بأقصى مستوى من اللياقة البدنية.
بدأ ينضج، وبدأ جسمه يتغيّر! ومن المؤكّد أن النشاط البدني يساعده في التعرف أكثر على نفسه، وفي الانفتاح والتغلب على الهموم والقلق اللذين يشعر بهما خلال هذه المرحلة من العمر. ومن المحبذ، في هذه المرحة، اختيار الرياضات الجماعية، فهذا النوع من الرياضات يمكّن المراهق من التعرّف إلى أشخاص من السنّ نفسها، وبناء صداقات معهم ومشاركتهم اللحظات الرياضية القوية، بمعنى المشاعر التي تنتاب الفريق أثناء الفوز أو الخسارة، أو لحظات التحدّي والمنافسة.
وفي كل الأحوال، على المراهق ممارسة الرياضة كهواية للاستمتاع بوقته وليس كاحتراف، وأن يختار الرياضة التي تُشعره بالسعادة، لا تلك التي يريد منها ملء الفراغ. لذا، لا مانع في أن يجرّب المراهق نشاطات رياضية مختلفة، وينخرط مع الأصدقاء، فذلك يسمح له بمعرفة الرياضة التي تناسبه فيمارسها بملء إرادته لأنه يجد فيها متعته.
ولكن يجب الانتباه الى أن العزوف عن ممارسة الرياضة قد يكون بسبب التمارين المملة أو تعرّض الطفل أو المراهق لبعض الملاحظات القاسية من المدرّب.
النشاط الرياضي وشخصية الطفل
بغض النظر عن المتعة التي يشعر بها الطفل من ممارسته نشاطًا رياضيًا، من المهم أيضًا احترام شخصية الطفل، فشخصيته تعتمد أيضًا على سعادته.
إذا كان نشطًا وحيويًا، فإنّ الرياضة الجماعية ضمن فريق هي المناسبة له. إذ سوف تكون لديه الفرصة لتمضية الوقت ضمن إطار منظم، لأن هناك قوانين لعبة عليه احترامها والتقيّد بها، وبالتالي سوف يتعلم قوننة سلوكه ونشاطه.
كما تسمح له الرياضة الجماعية بالانفتاح على الآخرين، وتعزّز ثقته في نفسه. يمكن أن تكون ياضة الجودو أو المبارزة مناسبة للطفل النشط، فهذا النوع من الرياضات يتطلب التركيز وضبط النفس.
أما إذا كان الطفل خجولاً، وغير واثق في نفسه، فيمكن لرياضة جماعية مؤطرة جيدًا أن تساعده على الانفتاح على الآخرين، وتُشعره بقيمته وأهميته ضمن الفريق. وبعيدًا عن المجال الرياضي، فنشاط مثل المسرح يمنحه الأدوات اللازمة لكسب ثقته في نفسه ورسم صورة ذاتية إيجابية.
بعض الأفكار المتعلقة بشخصية الطفل والرياضة المناسبة:
- كرة القدم: هي رياضة تستند إلى عمل فريق مؤلف من أعضاء عدة يتعاونون بروح الفريق الواحد، وهذه مسألة أساسية للربح، فإذا كان الطفل يميل الى الشخصية الفردية فيجب ألا يشارك فيها، لأنه لن يتكيف مع فكرة العمل الجماعي للفوز، وبالتالي قد يتعرض لانتقاد زملائه لأنه لا يلعب بروح الفريق، وإنما بروح الأنا.
- كرة السلة: رياضة تتطلب عملاً جماعيًا، إذ من المهم تداول الكرة بين أعضاء الفريق، ولا يهم من يسدّد الهدف في الشِباك. لذا فهي لا تتناسب مع الطفل بشخصية فردية، تخيّلوا الموقف: طفل يحب أن يُظهر أناه في الملعب، ويحاول رمي الكرة في السلة ولم يسدد الهدف، لأنه اعتقد أنه قادر، سوف يتعرض لملامة زملائه الذين سيتهمونه بالأنانية، ويحملونه مسؤولية خسارتهم.
- التنس: رياضة تتطلب الدقة والتركيز، والقدرة على المراقبة وقوة الملاحظة، ومواجهة الخصم الذي سيسعى الطفل للتفوّق عليه بالإرادة والمثابرة فيتعلم الصبر.
- الدرّاجة: عندما يبدأ الطفل بركوب الدرّاجة فهو يريد التفوّق على نفسه، وهذا يتطلب منه بذل مجهود ليعرف كيف يدرّب جسمه على التوازن. وهذه الرياضة مثالية للطفل الذي يتمتع بشخصية فردية، وتناسب أيضًا الطفل الكثير الحركة.
- ألعاب القوى مثل الجمباز: هذه الرياضة الفردية تتطلب ليس فقط المزيد من الحرفية وبذل الجهد لتحديد الأهداف الفردية، وإنما المثابرة أيضًا لتحسين الأداء باستمرار. هذه الرياضة مناسبة للطفل الذي يميل الى الشخصية الفردية، وكذلك الطفل الذي يحب اللعب ضمن فريق، لأنها تثير فيه الدافعية والشعور بالتحدّي.
- السباحة: إنها رياضة فردية جدًا تتطلب دافعًا كبيرًا، وحب المياه. وإتقان السباحة يحتاج من الطفل التكرار. وكذلك على الطفل أن يكون ممن يحبون الكمال والدقة في الحركة والتحدّي. هي مناسبة للطفل النشط الذي يحتاج إلى تنفيس طاقته.
- رياضة الفنون القتالية (الجودو والكاراتيه والملاكمة التايلاندية): مثالية للأطفال الذين يجب قوننة سلوكياتهم. فالقواعد الواجب اتباعها دقيقة جدًا، وهناك لحظات هادئة تقابلها لحظات صاخبة. وهي من الرياضات التي ينصح بها لطفل خجول، أو تكون ثقته في نفسه ضعيفة.