عقار "فيتراكفي".. هل انتهى زمن السرطان؟

عقار "فيتراكفي".. هل انتهى زمن السرطان؟

عقار "فيتراكفي".. هل انتهى زمن السرطان؟

"ولى زمن السرطان"، و"عقار جديد يقضي على السرطان من جذوره"، و"دواء يعالج جميع أنواع السرطان"، هذه بعض المزاعم والعناوين التي تم تداولها خلال الأيام الماضية بشأن عقار "فيتراكفي" الجديد، فهل هذه المزاعم دقيقة؟ وما مدى صحتها؟
كانت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) قد وافقت نهاية نوفمبر الماضي على عقار "فيتراكفي" (Vitrakvi) الذي يستهدف بشكل أساسي الطفرات الوراثية للأورام السرطانية بغض النظر عن نوع المرض أو مكان نشوئه.

عائلة جديدة

قال مدير عام "مركز الحسين للسرطان" في الأردن، الدكتور عاصم منصور، إن عقار فيتراكفي واسمه العلمي "larotrectinib" ينتمي إلى عائلة جديدة من الأدوية المضادة للسرطان، وهي الأدوية الموجهة إلى الطفرات الجينية المسببة للسرطان، عوضا عن أساليب العلاج التقليدية التي عادة ما تستهدف عملية انقسام الخلايا السرطانية أو تقوم بقطع التغذية عنها، إلى غير ذلك من أساليب عمل أدوية السرطان التقليدية المختلفة.
وأضاف الدكتور منصور "نحن نعلم أن السرطان ينتج عن انقسام غير من منضبط للخلايا تنتج عن طفرات جينية معظمها مكتسبة بسبب بعض عوامل الخطورة مثل التدخين والأشعة والفيروسات وغيرها، أما الطفرات الموروثة فمسؤولة عما بين 5 و20%".
وتسبب هذه الطفرات إنتاج بروتينات غير طبيعية أو تمنع إنتاج البروتينات الطبيعية المسؤولة عن منع حدوث انقسامات عشوائية في الخلية، فتبدأ هذه الأخيرة بالانقسام غير المنضبط وبالتالي تكوين أورام سرطانية.

طفرات جينية

وأضاف الدكتور أنه لذلك كان الدواء الجديد ليستهدف هذه الطفرات الجينية بدل استهداف الموقع التشريحي للإصابة بالسرطان، فإذا ما كنا نصنف أنواع السرطان المختلفة وبالتالي نعالجها حسب العضو المصاب مثل سرطان القولون أو سرطان الثدي أو غيرها، فإن الاتجاه الجديد في العلاج سيكون حسب نوع الطفرة المسببة للسرطان بغض النظر عن الموقع التشريحي للورم.
وبشأن ما إذا كان دواء "فيتراكفي" يعالج جميع حالات السرطان، قال الدكتور إنه حسب الدراسة التي اعتمد هذا الدواء بناء على نتائجها فإنه حصلت هنالك استجابة جزئية دام مفعولها لمدة ستة أشهر على الأقل عند ثلاثة أرباع المرضى، في حين استمر هذا المفعول لمدة سنة عند نحو 39% من هؤلاء.
وأضاف أنه ثبتت فعالية هذا الدواء في علاج المصابين بالأورام الصلبة من الأطفال والكبار مثل سرطان الغدد اللعابية والغدة الدرقية والرئة وبعض أنواع الساركوما، شريطة وجود طفرة معينة عند المرضى تسمى "NTRK"، وهذه الطفرة موجودة عند أقل من 1% من المرضى، حيث يعتقد أن عدد هؤلاء المرضى على مستوى العالم لا يتجاوز بضعة آلاف من أصل نحو 14 مليون حالة جديدة تسجل سنويا.
وأكد الدكتور أن "فيتراكفي"، بناء على الدراسات المحدودة التي أجريت، لا يعتبر علاجا جذريا بل هو علاج واعد يعطي المرضى أملا جديدا في حال تطويره أو حتى اكتشاف أنواع جديدة من الأدوية تستهدف نفس الطفرة أو طفرات جينية أخرى وهو أمر متوقع جدا.
ويستفيد من هذا العلاج المرضى الذين يعانون من طفرة "NTRK"، شريطة أن يكون المرض لا يمكن استئصاله جراحيا لأسباب تقنية أو أن يكون في المرحلة الرابعة (أي قد انتقل من مكان ظهوره الأصلي إلى أعضاء أخرى).
وأضاف أنه سيتم طرح الدواء في الولايات المتحدة قريبا جدا، وفي العادة لا يتأخر وصول مثل هذه الأدوية إلى الأسواق العربية، حيث إن الفترة اللازمة للتسجيل من قبل الجهات المختصة تتراوح بين  أسابيع إلى أشهر قليلة.
وقال "لكن أتوقع أن تواجه الشركة الصانعة مشاكل تسويقية في ظل ارتفاع سعر هذا الدواء، خاصة أن الشركة تعتبر حديثة في هذا المجال، وهذا باعتقادي ما دفعها لعمل شراكة مع عملاق الصناعة الدوائية شركة "باير" الالمانية للاستفادة من خبرتها الطويلة".

وبشأن التكلفة، قال الدكتور منصور إنه يتوقع أن تصل تكلفة العلاج السنوية للبالغين ما يقارب 390 ألف دولار، أما بالنسبة للأطفال فنحو 132 ألف دولار.
وختم مدير عام مركز الحسين للسرطان "أخيرا، أرجو أن نضع الأمور في نصابها عند تعاملنا مع اختراعات الأدوية الجديدة، وألا نبالغ بالتفاؤل، فلا يوجد إلى وقتنا الحالي دواء سحري لعلاج السرطان وإنما هي لبنات في بناء كبير تكمل بعضها بعضا.. دعونا ننظر للمستقبل بأمل لكنه الأمل المستند إلى الحقائق والواقع بعيدا عن تهويلات التسويق".

موقع "الجزيرة نات" (بتصرّف)
شارك: 
{{{"type":"anchor", "ring":"0", "page":"0"}}}
{{{"type":"anchor", "ring":"0", "page":"0"}}}